هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نبض الشهر : إذا أردت أن تعيش للأبد، فاكتب شيئا يستحق أن يقرأ .

قريبا يصدر ديوان عطر الخزامى للشاعر مولاي الحسن الحسيني

حصريا على منتدى الأدب لمبدعي الجنوب : دورة تكوينية في مجال المعلوميات ، محورها تعلم برنامج الشهير Excel من الصفر حتى الإحتراف

3 مشترك

    قراءة ف كتاب لبيير بورديو:اللغة والسلطة الرمزية

    avatar
    simo


    عدد المساهمات : 7
    نقاط : 19
    تاريخ التسجيل : 02/04/2010

    قراءة ف كتاب لبيير بورديو:اللغة والسلطة الرمزية Empty قراءة ف كتاب لبيير بورديو:اللغة والسلطة الرمزية

    مُساهمة  simo الثلاثاء أبريل 06, 2010 10:39 am

    قراءة في كتاب:

    اللغة والسلطة الرمزية
    Langage et pouvoir symbolique
    De Pierre Bour[/b]dieu


    من اعداد :
     محمد عكاوي









    مقدمـة:
    من أجل فهم سوسيولوجية بيير بورديو وجب الإلمام بأهم المفاهيم التي تناولها لدراسة الظواهر الإجتماعية، من خلال نظرته للمجتمع وإلى تركيزه على مفهومي المجال الاجتماعي والحقل الاجتماعي، وكيف أن الحقل الاجتماعي مثلاً هو عبارة عن سوق،مواقع، علاقات، أشخاص، مؤسسات، توزيع مختلف للسلطة أو لرأس المال، لعبة معينة، هيمنة، خضوع،منطق معين، ميزان قوى، قواعد، أهداف، رهانات، صراعات، منافسة، استراتيجيات، تاريخ معين، اتجاهات،ممارسات، مصالح أو أشكال من المصالح، تحولات، إشكاليات، معاني وقيم، تأثيرات، ميزان قوى رمزي... وإذا كانت هذه هي خصائص الحقل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بشكل عام، فإن الحقول الأخرى، مثل الحقل الثقافي، الحقل الأدبي، الحقل الفني، الحقل الفلسفي والحقل العلمي تتميز بخصائص متشابهة بعض الشيء. ومع أن بورديو يؤكد على استقلالية كل حقل من هذه الحقول، فإنه يؤكد أيضاً على الترابط والتشابك والتداخل بينها. وتهدف الاستراتيجيات في الحقول إلى زيادة رأس المال وتحسين الوضع الاجتماعي وزيادة رأس المال الرمزي... كما تناول مسألة إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية، وكيف أن الحقل يعيد إنتاج نفسه، ووفق أية آليات؟. وإذا كان إعادة الانتاج يرتكز على استراتيجيات محددة وعلى التوافق بين أنظمة الاستعدادات والتصورات والبنى الموضوعية، فكيف يحصل التغيُر أو التحول الاجتماعي. وإذا كان بورديو قد أجاب عن هذا التساؤل بأن الهيمنة او السيطرة قد تفرض نوعاً من المقاومة، أو نوعاً من الثورة الرمزية، وبأن هذه الثورة هي التي تؤدي إلى التحول أو التغيّر، فهل هذه الإجابة تعتبر كافية لإزالة الالتباس أو الغموض حول إشكالية التغير الاجتماعي والتنظير لهذه المسألة؟
    وفي كتابه "اللغة والسلطة الرمزية" يتناول بورديو بالدراسة والتحليل جل الأفكار السالفة الذكر. هذا الكتاب الذي يعتبر مساهمة كبيرة في فهم النسق السياسي. كما يتضمن جل الكتابات المهمة حول مفهوم اللغة وكذلك مفهوم السلطة الرمزية في الحقل السياسي.


    انطلق بورديو من المسلمة التي بموجبها تعكس التبادلات اللغوية علاقات السلطة والهيمنة،وتبني بطريقة تراتبية المجتمع، بحيث بداخله تهيمن على سوق المبادلات اللغوية، اللغة الثابتة الموحدة أو الرسمية تساهم جليا وبمرجعية في الخطابات الأخرى. بورديو يتساءل عن طريقة إنتاجها وشرعيتها قبل أن يسلط الضوء على السلطة الرمزية للغة. فللغة الرسمية ترتبط وقبل كل شيء بسيرورة تكون مفهوم الدولةـ الوطن الذي سيقودنا إلى التوحيد اللغوي، ملغية بذلك اللهجات الجهوية والعمل على تشفيرها معتمدة في ذلك على المدرسة والطب من أجل إيصالها بطريقة تسمح بتوحيد الجسم الاجتماعي. ولكن بورديو اعتبر أن الإعتراف بشرعية اللغة الرسمية هو في حد ذاته تعبير عن الهيمنة الرمزية وذلك يتجلى في أنها تفترض أن الخاضعين لها سيواجهون تبديلا (الذي سيصبح عاديا) للحرية والإكراهات. وأيضا السوق اللغوي يتميز بالوحدة ووجود قيمة المرجع الذي يحتويه.
    الهيمنة الرمزية للغة وعلاقتها بالسلطة، والتي تتجلى في التبادل اللغوي، ستقودنا إلى تنحية اللهجات الجهوية ووصم اللغات الشعبية بالعار. الممارسة اللغوية تترك المجال للممارسات الشرعية؛ من نزع اللغة الثابتة لصالح الضوابط القانونية إلى تراتبية الطبقات الاجتماعية وللغتها. و تسمح الهيمنة الرمزية أيضا لبعض أنواع اللغات للطبقات التي تتقنها بالهيمنة وتفرضها كقانون على الطبقات المهيمن عليها.

    I. اقتصاد التبادلات اللغوية:
    بورديو يقترح تفسيرا وشرحا للظاهرة اللسانية اللغوية إنطلاقا من مفهوم الأبتوس ومفهوم الحقل.
    1ـ مفهوم الأبتوس:
    فهو يعرف الأبتوس بأنه:
    "نسق الإستعدادات التي يحملها الناس للفعل والتفاعل بطريقة أو أخرى. فهو نسق الإستعدادات المكتسبة وتصورات الإدراك والتقويم والفعل التي طبعها المحيط في لحظة محددة وموقع خاص" وإجمالا؛هو الهيئة العامة الناتجة عن الإستبطان والتراكم لكل واحد منا على مر تاريخنا من التكيفات السابقة للمهارات الراسخة في الذهن عن طريق العائلة،المدرسة أو المحيط الإجتماعي خلال السيرورة الإجتماعية.
    الهيئات التي تكون الابتوس هي راسخة، مبنية ودائمة ولكن أيضا تكوينية وتغير المكان. هذه الهيئات طبعا مكتسبة من خلال سيرورة التراكم التجريبية الأولى خلال مرحلة الطفولة والتي تحتل مكانة محددة.
    كما نرى هناك مجوعة من سيرورات الكيف والتمرن والتي حاول بورديو توضيحها في هذا المرجع. فالفرد يكتسب مجموعة من الهيئات الترتيبات والتي تظهر بشكل حرفي كأجسام وتبدو كطبيعة ثانية. هذه الهيئات المنظمة والمحددة البنية هي التي تحدد الشروط الإجتماعية التي من خلالها تم الإكتساب (الوسط الشعبي أو الوسط البورجوازي). وهي دائمة و مستمرة لأنها تجذرت في الأجسام بصفة خالدة ومدى الحياة،متأثرة بشكل شعوري،واع و محسوس.
    في النهاية؛ بالنسبة لبيير بورديو، هذه الهيئات هي كذلك تكوينية ومنتجة وتغير أمكنتها ما دامت قادرة على إحداث مجموعة من التطبيقات والتمييز داخل حقول أخرى يمكن ان تكتسب من خلالها.
    لقد درس بورديو الكثير من الظواهر الإجتماعية والتي مست أدق تفاصيل الحياة اليومية مبينا فيها كيفية وقوع التمايز الإجتماعي وعنف الرأسمال الرمزي، ففي حقل الإستهلاك يمكن ملاحظة التمايز الطبقي في نوعية الأسواق وتعددها بحيث يبدو لكل شريحة أو طبقة إجتماعية أسواقها ومنتجاتها. ولو أخذنا مثلا؛ الفلاح أو العامل البسيط،فطبيعة أعمالهم تتطلب مجهودا جسديا أكثر مقارنة مع الضابط أو الإطار العالي في مجال التجارة أو الأبناك. ومن المهم جدا الإشارة إلى أن سوسيولوجيا بورديو ليست نظرية بسيطة للتجهيز الإجتماعي. فأصحاب النظرية الحتمية الإجتماعية لم يؤسسوا نمط البرمجة الميكانيكي لتصرفاتنا وسلوكاتنا. فالأبتوس هو مبدأ للتطوير ومن هنا ينتج الصراع. هناك الإنفتاح والتاريخ. ويمكننا الإستشهاد بالحركة النضالية في السنوات الأخيرة من حياة بورديو. بالنسبة إليه المعاير التطبيقية والتمييزات الخاصة يمكن أن تكون مصممة وليست كإنتاج للأبتوس نفسه ولكن كإنتاج للعلاقة بين الأبتوس من جهة والمضامين الإجتماعية الخاصة أوالحقول التي تمكن الأفراد من التفاعل من جهة أخرى.
    2ـ مفهوم الحقل:
    الحقل هو فلك الحياة الإجتماعية و الذي يصبح مستقلا تدريجيا عبر التاريخ. ومفهوم الحقل يمكن تطبيقه على المؤسسات ولكن بشرط فهم المؤسسات ليس كأشياء ولكن كأشكال للعلاقات بين الفاعلين بصفة فردية أو جماعية.
    العالم الإجتماعي يكشف تنوع الأبعاد، وهذا يعني تعددية الحقول الإجتماعية المستقلة(الحقل الإقتصادي،الحقل الثقافي،والحقل السياسي....إلخ). كل حقل يدار من خلال علاقات السيطرة الخاصة بواسطة رهانات وإحتكار للرأسمال الخاص (الرأسمال الإقتصادي،الرأسمال الثقافي،الرأسمال السياسي...إلخ)، والهيمنة الذكورية تختلف بإختلاف الحقول. كل حقل يحدد من خلال موازين القوى بين المسيطرين والمسيطر عليهم، والذي يسمح للفاعلين الإجتماعيين بالمواجهة للحفاظ أو إستبدال موازين القوى هاته. والهيمنة. يمكننا ان نكون مهيمنين داخل نوع من هذه الموازين (عندما يكون الإنسان ذو حمولة ثقافية كبيرة) وتحت السيطرة في حقل آخر (يكون الإنسان فيه أقل حمولة إقتصادية و سيلسية).
    بورديو حدد مجموعة من الأنواع للرأسمال:
    1-الرأسمال الإقتصادي (الغنى المادي)
    2-الرأسمال الثقافي (يعني مجموع المعارف، الهيآت، الكفاءات، القدرات التي غالبا تكون محسوسة على شكل عناوين أو شهادات مملوكة من طرف شخص ما، تمكنه من إحتلال مكانة اجتماعية معينة.
    3-الرأسمال الإجتماعي (ويعني شبكة العلاقات الإجتماعية)
    4-الرأسمال الرمزي (يرجع إلى تراكم الهيبة والشرف)
    "موقع أي فاعل يحدد داخل الغطاء الاجتماعي ويمكن كذلك أن تحدد من خلال الموقع الذي يحتله داخل مجموعة من الحقول المختلفة، هذا يعني في إطار توزيع السلط التي يديرونها داخل كل واحد من هذه الحقول، سواء كان الرأسمال الإقتصادي أو الثقافي أو الإجتماعي وكذلك الرأسمال الرمزي،كما هو شائع يسمى شهرة، صيت، سمعة...وهو الشكل المدرك والمعروف كشرع لمختلف أنواع الرأسمال هاته".
    عندما استعمل بورديو مصطلح "الطبقات"، فهو بذلك يقوم بالإحالة لمجموعة من الفاعلين الذين يشغلون مواقع متشابهة في الفضاء الإجتماعي ويملكون إذن هيآت وكميات متشاهبة من الرأسمال وفرص النجاح ونفس الترتيب.
    بورديو استعار مجموعة من المصطلحات من المعجم الإقتصادي كما رأينا بالنسبة لمصطلح "السوق" و "رأس المال" فهو لا يريد حصر كل الحقول الإجتماعية في الحقل الإقتصادي من خلال مفهوم ضيق (المعاملة التجارية المحضة المتعلقة بالبيع والشراء) ولكن على العكس، لإظهار الإقتصاد على النحو الضيق للمصطلح كحقل من الحقول المختلفة، كحقل الأدب وحقل السياسة وحقل الفن أو حقل الدين.
    بورديو انتقد لغوية "تشو مسكي" بعد "دوسي سور"، بالنسبة إليه مشكل هذه المفاهيم هو كيف تسمح للغة كي تبنى على أنها شيء مستقل ومتجانس قابلة للخضوع لتحليل لساني محض.
    بالنسبة إليه، إذا أخذنا نوعا معياريا للإستعمال الصحيح لمجموعة خاصة لغوية، عالم اللغة يستخلص الوهم للغة مشتركة من إهمال الشروط السوسيوـ تاريخية والتي أسست مجموعة خاصة من التطبيقات اللغوية كمسيطرة وشرعية. بالطبع، اللغة الرسمية تعكس وحدة الدولة. بورديو استرجع أعمال التاريخيين (أصحاب المذهب التاريخي) على تطور اللغات كأعمال فيرناند برونو (FERNAND BRUNOT) مؤلف "تاريخ اللغة الفرنسية من الأصل إلى اليوم" فهو يبين كذلك كيف أن اللغة المحلية (اللهجة) الباريسية تأصلت تدريجيا في فرنسا. بورديو حاول شرح كيف نجح أعضاء الطبقات العليا سياسيا في توحيد اللغة التي صاحبت الثورة الفرنسية. مانحين بذلك إحتكارا للسلطة السياسية. غير أن اللغة الرسمية وشرعيتها كما هي؛ حررت عوامل أخرى كتنمية نظام التدريس وتكوين سوق الشغل موحد. في مصطلحات أخرى بسبب التركيز على نظام التربية المقنن وتحرير ضواحي متنوعة، وبتوحيد سوق العمل الذي من خلاله تتحرر المواقع الإدارية على مستوى البنية، فظهرت المدرسة كوسيلة أساسية لولوج سوق الشغل. بفعل هذا الإجراء، وانطلاقا من مختلف المؤسسات والسيرورات الإجتماعية، فأصبحت الساكنة تتحدث اللغة المحلية (اللهجة) والتي تعلموها حسب مفاهيم بورديو:
    « A COLLABORER A LA DESTRUCTION DE LEURS INSTRUMENTS D’ EXPRESSION »
    فالعنف الرمزي ملائم لفرض ثقافة الطبقات المهيمنة من خلال الفاعلين الإجتماعيين وبصفة خاصة المدرسة. كذلك النظام المدرسي ليس جهازا محايدا بتاتا في خدمة الثقافة والجمهورية. فالمدرسون يتشاركون (بشكل لاشعوري) في تبادل القواعد وقيم الطبقات المهيمنة. فالمدرسة تعيد إنتاج البنية الإجتماعية، وهذه السيرورة تتماشى بشكل خفي.
    إن التبادلات اللغوية قابلة لتوضيح مجموعة من أنواع علاقات السلطة « LES DISCOURS NE SONT PAS SEULEMENT DES SIGNES DESTINES A ETRE COMPRIS, DECHIFFRES, CE SONT AUSSI DES SIGNES DE RICHESSE DESTINES A ETRE EVALUES, APPRECIES ET DES SIGNES D’AUTORITE DESTINE A ETRE CRUS ET OBIES » قيمة الخطاب ستتوقف إذن على ميزان قوة اللغة « LA FORME ET LE CONTENU DU DISCOURS DEPENDRE DE LA RELATION ENTRE UN HABITUS ET UN MARCHE DEFINI PAR UN NIVEAU DE TENSION PLUS OU MOINS ELEVE, DONC PAR LE DEGR DE RIGUEUR DES SANCTIONS QU’IL INFLIGE A CEUX QUI MANQUENT A LA « CORRECTION » ET A LA « MISE EN FORME » QUE SUPPOSE L’USAGE OFFICIEL » كذلك وصف التبادل اللغوي اليومي بأنها إلتقاءات محددة بين الفاعلين الحاملين لموارد وكفاءات مبنية إجتماعيا. من هنا أي تفاعل لغوي بالنسبة للمؤلف، يحمل آثار البناء الإجتماعي والذي يعبر و يشارك في إعادة إنتاجه.
    يخبرنا الكاتب أنه بقدرما نرتقي في التراتبية الاجتماعية فدرجة الرقابة وتلازمها مع التقويم والتخفيف، مافتئت أن ترفع هذه التجسيدات، ويمكن ملاحظتها في الأسواق مثل (السوق المدرسية أو العامية) الشيء الذي يتطلب شكل من أشكال الحيادية وإبعاد الواقع، وهو ما يسميه بورديو BOURDIEU "نمنمة الحياة" هذا النوع من تقويم الممارسات الذي يخص كل شيء كالمادة، النمط، الشكل، وذلك على حساب الوظيفة. فالكاتب أكد أنه يجب على كل الأسواق الرسمية وكل المذاهب الاجتماعية والتي يطرح فيها وجوب التقويم بشدة مطلقة على حساب الوظيفة التواصلية والتي يمكن تغييبها على أن تشتغل بمنطق المأثري للهيمنة الرمزية.
    فحسب تحليل الكاتب فإنه في حالة الطبقات الشعبية فهذا "النمط النطقي" يساهم بنسبة في جسم مفعم بالرفض للوضعيات أو المظاهر الخادعة (يعني بالنمنمة والتقويم) وبتقييم الفحولة وكل ما له علاقة بالطبيعة.
    وأيضا لدينا من جهة في الكلام المألوف الرقابة أصبحت طبيعة، الشيء الذي أبعد الكلام الدسم والمزح الثقيلة الشيء الذي تلاءم مع جعل الجسم أليفا رافضا لكل إظهار زائد (كصراخ، دموع، حركات كبرى...) والكلام الشعبي الذي يعارض الأول في شكله.
    فبورديو يبين أن الإقرار بالا شرعية اللغوية، وفي نفس الوقت إنتاج خطاب مبني على الجهل متداولا إلى حد ما. المعاهدات والتوافقات المميزة للأسواق المهيمنة غير ممكنة إلا في مجالات الطبقات المهيمنة، فاللغة العامة (السوقية) والتي تعتبر خرقا وتجاوزا حقيقيا للمبادئ الأساسية للشرعية الثقافية تمثل إقرارا بالهوية الاجتماعية والثقافية وتتجلى عموما في التبادل اللغوي العام والداخلي في طبقة معينة.
    فيما يخص التبادل الخاص بين المهيمن والمهيمن عليه، بورديو يقر أنه يمكن أن يأخذ شكل "كلام معرقل ومشوش بمفعول الخجل (الخوف) أو الصمت، كشكل وحيد للتعبير الذي يترك وفي الغالب للمهيمن عليهم.
    فبورديو فسر أن صورة الخادم والتي يجب أن تكون في تلاءم جلي مع معايير المهيمنين وللياقة الشفهية، الهندام المرتدى، كل هذه الأشياء تمثل كل العلاقات بين المسيطر والمسيطر عليه.
    II .المؤسسة الاجتماعية للسلطة الرمزية.
    1. المؤسسة الاجتماعية للسلطة الرمزية
    بالنسبة للكاتب، علاقة القوى المرتبطة باللغة لا يمكن تحديدها انطلاقا من القدرات اللغوية المقدمة فقط، إنما "ثقل مختلف الفاعليين يتحدد انطلاقا من رأسمالهم الرمزي، هذا يعني ان المعرفة المؤسساتية لا تستمد من الجماعة فقط "بل هناك من جهة اتقان استعمال ممارسة اللغة ومن جهة أخرى اتقان استعمال ممارسة اللغة في وضعيات مقبولة اجتماعيا. ففي حالة الإيحاءات المنجزةdes énoncés" performatifs" يقول أن "الادعاء أو المطالبة للتحكم في العالم عن طريق الكلمات بطريقة سحرية، يكون بطريقة أو بأخرى جنونا أو عقلانية على الأقل مشيدة انطلاقا من موضوعية أهداف العالم الاجتماعي".
    يعتبر بورديو أنه ليست هناك سلطة رمزية بدون رمزية السلطة انطلاقا من أنواع الخاصيات الرمزية.
    يقول "الشتم كتسمية تنتمي إلى قسم أفعال مؤسسة معزولة ومخلوعة على الأقل مشيدة اجتماعيا، التي من خلالها الشخص يتصرف باسمه الخاص أو باسم المجموعة مهمة بطريقة أوبأخرى عدديا واجتماعيا، تعني لشخص ما له الملكية، بأن لديه الحق في التصرف موازتا مع الشرعية الاجتماعية الممنوحة له. فلكي تكون الإيحاءات المنجزة performatifs des énoncés ناجحة لا بد أن تكون متطابقة مع الوظيفة الاجتماعية للمتكلم والكلام المنطوق الذي ينطق به. فسلطة الكلمات تتمثل في كونها ليست منطوقة انطلاقا من رأسمال حاملها ومعارفه فقط، بل أنها تأخذ بعين الاعتبار الرأسمال الرمزي للمجموعة التي وكلته والتي أنشئت فيها السلطة. فأفعال التسلط التي تستمد مشروعيتها من الأفعال المؤسسة بشكل جماعي والمرخص لها تعتبر في نظر بورديو بمثابة سحر "تدجين " اجتماعي.
    إن ما يمكن أن نصل إليه مع بورديو هو أن التمثل يشكل المجموعة التي تشكله. فالناطق الرسمي بإسم الجماعة الذي يمتلك كامل السلطة للتحدث والتصرف بأسم الجماعة التي تشيده وتنتدبه ليمثلها، يعَرف ويحدد بالمهام والوظائف التي يمنحها جسمه ونفسه. يعطي لجسم بيولوجي جسم مؤسساتي بمعنى أنه يتمأسس. الفكرة التي يريد أن يوصلها الباحث يلخصها في العبارة التالية"l'état,c'est moi" التي تعود للعالم وتمثلاته.
    إن معرفة الخطاب السلطوي تحدد انطلاقا من مجموعة من الشروط التي تعطيه الاستعمال الشرعي:
    =يجب أن ينطق من طرف الشخص الشرعي المتحدث.
    = يجب أن ينطق في حالة شرعية أمام المتلقين.
    =يحب أن يحدد داخل سياق الشرعية.
    فمختلف أشكال الهيمنة يجب أن تعرف كشرعية، فسيرورة هذه الشرعية يجب أن تصبح طبيعية بالنسبة للأشخاص المهيمين اللذين ينخرطون في أمر الهيمنة، هذه السيرورة هي التي تولد مفهوم العنف الرمزي. فيما بعد سيحاول بورديو الوقوف لاستخلاص الملكيات الثابتة للطقوس والشعائر الاجتماعية باعتبارها طقوسا مؤسساتية، حيث يسوق لنا مثال المذهب الكابلي"Le rite kabyle" للختان الذي يركز على الإختلاف في تأسيس ونشأة الرجال كرجال و النساء كنساء ، ويقوم على التقليد ( الفارس، الرئيس ، المنتخب) . ويعتبر أن الأختلاف في الأصل الاجتماعي هو المحدد في الاعتراف بالفرد، حيث نجد بورديو يقر بأنه على العلم الاجتماعي أن يأخذ بعين الاعتبار الفاعلية الرمزية بمعنى التركيز على السلطة التي تمتلكها الطقوس للتأثير الفعلي في تمثل الواقع.
    يبين بورديو بأن مؤسسة الهوية يمكن أن تكون لقب للرقي ويمكن أن تكون سبب في الندبة، وبالتالي أشكال تأثير المؤسسة الأفضل هي أن تكون كما أنت""deviens ce qu tu es .

    2. نظرة وتقسيم العالم الاجتماعي
    يعتبر بورديو بأن الفعل السياسي الخالص ممكن لأن الفاعلين"les agents" الذين ينتمون إلى العالم الاجتماعي لديهم معرفة بهذا العالم، ويمكنهم التاثير فيه عبر معرفته.
    يقدم مثال لذلك حيث نجده يقول كم أن الممارسة الوقعية لحقائق اجتماعية مثل (تناول المخدرات وشرب الخمر) نجدها تتغير حسب النظرة والرأي (كمتأثر وراثي انحطاط اخلاقي، تقليد ثقافي، أو قيادة التفويض) بمعنى أنها تختلف حسب المجتمعات فالبعض يعتبرها تقليد والبعض الأخر قد يعتبرها انحطاط أخلاقي، وبالتالي تتحدد انطلاقا من المعرفة بواقع العالم الاجتماعي الموجودة فيه. النظرة السياسية الجديدة للذات هي أسلوب جديد يريد أن يحدث شئ ما ويساهم في حقيقة ما يوضح عن طريق الحدث الموضح كل نظرية هي برنامج للتوقع. لكن هذا حسب بورديوغير صحيح إلا بالنسبة لنظريات العالم الاجتماعي.
    يذهب بورديو أكثر بعدا في السياسية حينما يقول"dire c'est faire" أقول يعني أفعل هذا بالنسبة له أكثر ضبطا في اعطاء الوسائل للعمل لنبين أن ما نقول هو ما نفعل، سلطة ما نقوله يعني قدرت ما نقول على جعلنا نتخيل حقيقته وسلطته.
    السلطة الرمزية المرغوبة كسلطة في إنشاء معطى عن طريق بيانات" l'énonciation " للابصار، والتخيل، لتأكيد أو تغير نظرة العالم، أوفعل حول العالم بمعنى العالم، هذه السلطة الموصوفة بشبه السحرية، يمكن الحصول عليها بالنسبة لبورديو مقارب لما يحصل عليه بالقوة ( المادية أوالاقتصادية) نتيجة الحدث الخاص للديناميكية الحركية الذي لا يحدث إلا إذا كان معترفا به. ولكنه غير مقدر كتعسفي، الحقل السياسي هو المكان الغير مسموح به بالنسبة للدنيويين (نسبة إلى الدنيا/السفلى)، أو الذين ينتجون، في المنافسة بين المهنيين المرتبطين، أشكال إدراك أساليب سياسية، مؤثرة وشرعية، والتي هي ممنوحة للمواطنين العاديين تنخفض في حالة "المستهلك".يشرح بورديو بأن السلطة الرمزية هي سلطة غير مرئية والتي لا يمكن أن تتحقق إلا بإشراك اللذين لا يريدون أن يعرفوا بأنها لا تؤثر ولا تحصل.
    من أجل ذلك استحضر مثال، " المنظومة الطبقية العالمية التي تتحرك تحت شكل غير مقدر للتقسيمات الموضوعية للمنظومة الاجتماعية خاصة تقسيم العمل الذي هو عطاء للملكية الاجتماعية وتم اعتباره كعطاء للملكية الطبيعية للأفراد". شرح بورديو أن التراتبية الاجتماعية من جهة دائمة تفرض المنظومات التراتبية التي تؤثر في الطبقة الموضوعية، تنتج شكل معرفة هذا التراتب، التي تؤدي إلى الجهل التعسفي وأصوله.
    أدخل بورديو مفهوم "الدوكسا" "douxa" أصلي الذي يمكن أن يرغب كعقد ضمني للانخراط في هذا التراتب المراد. يضيف أكثر بأنه يوجه( العقد) نحو تطبيع Naturalisation التراتب الاجتماعي والذي يستمد من لغة الطبيعة.
    بالنسبة لبورديو إنتاج الأفكار حول العالم الاجتماعي نجده دائما تابع لمنطق الحصول على السلطة، وتحريك أكبر عدد من الأفراد.
    أيضا الحقل السياسي هو مكان ذو امتيازات لتنفيذ السلطة التمثيلية أو الظاهرية التي تساعد في جعله يحدث بشكل كلي، يعني أن الحالة الموضوعية مرئية بشكل مباشر بالنسبة للكل "العموم الرسمي، إذن مرخصة" ما يوجد في الحالة مطبق، ضمني أو كامن بمعنى أنه خفي.
    يضيف بورديو بأن سلطة ماهو ظاهري يمكن أن تنفذ انطلاقا من كل ما يلمس العالم الاجتماعي، إلى نظرة هذا العالم إلى تقسيمه، يأخذ كمثال النسوية le féminisme التي تطرح مبادئ جديدة للتراتب ولجميع الأشياء المرتبة ومن خلالها تحيلنا إلى مجموعات جديدة.

    III . الحقل السياسي والسلطة الرمزية
    1 .الحقل السياسي والسلطة الرمزية

    يسعى بورديو إلى تحليل كفاءات السياسيين، وينطلق من فكرة أنه لا يوجد شيء أقل طبيعية أكثر من طبيعة التفكير والفعل المفروضة عبر تقسيم الحقل السياسي.
    يقول الكاتب أن، " ابتوس Habitus السياسيين يفترض حركية خاصة ". يكشف على أن المهم هو إتقان اللغة والمهارات الخاصة، إنه التلقين بتجارب وطقوس المقطع الذي يمتد إلى ترسيخ، حسب الكاتب، "الإتقان العملي لمنطق ماثل للحقل السياسي ولفرض خضوع الفعل للقيم، للتراتبية والرقابات الملازمة لهذا الحقل".
    يأخذ بورديو على سبيل المثال الجدل التلفزي الذي سيواجه المختصين الذين اختيروا لكفاءاتهم الخاصة لدلالة لياقتهم والاحترام السياسي الذي يتمتعون به. يلح الشعب المقلص في وضعية الجمهور على الجدل محققين صراع الطبقات على شكل مواجهة مسرحية وضبط بين بطلين. بالنسبة للكاتب، هذا يرَمز بإحكام نهاية سيرورة استقلالية لعب سياسي بالضبط، مختصر في هذه التقنيات أكثر من أي وقت مضى في تراتبياتها وفي قواعدها الداخلية. يترجم إذن قاعدة اللعب ويقول أن كل من لديه امتياز للاستثمار في اللعب ( المشاركة في متعة اللعب وأيضا في كل الإيجابيات المادية والرمزية ذاتها المشاركة في امتلاك سلطة رمزية) يقبل العقد الضمني المرتبط بفعل المشاركة في اللعب والاعتراف به إذن كشيء يستحق أن يُلعب. يضيف أن هذا يوحد كل المشاركين عبر نوع من "تواطؤ أصلي" حيث يملك كل المطلعين الملقَّنين نفس الانخراط الجوهري في اللعب وفي الرهانات. يحدد بورديو أنه لا يتجلى أبدا بوضوح إلا عندما يكون مهدد في حد ذاته.
    ولإعطاء مثال موضحين غاياته يأتي بورديو إلى طرح آثار ترشيح Coluche لرئاسة الجمهورية الذي كان في الحال مدانا تقريبا من طرف كل المختصين السياسيين. ويقول أن المختصين، والرجالات السياسية، والصحفيين يحاولون رفض "لمكسر اللعب" حق الدخول الذي أعطاه له البسطاء بكثافة. ويشرح بورديو أنه بلا شك حول هذا الموضوع، "أن ندخل في اللعب دون أن نأخذه على محمل الجد، يهدد هذا اللاعب العجيب كذلك أساس اللعب، يعني الاعتقاد وتصديقية اللاعبين الأصليين".
    يكتب بورديو أبعد من الحذر المفرط الذي يُعرف السياسي المتمم والذي يقاس بالخصوص لا على درجة من تلميع خطابه( لغة الخشب) تستوضح بدون شك عبر الجروحية المفرطة( القابلية للإنجراح) للرأسمال السياسي( شكل من أشكال الرأسمال الرمزي) التي تجعل من مهنة رجل السياسة مهن لخطر أكثر إذ تتعلق بتمثل جمعي. لهذا السبب كان رجل السياسة بالخصوص جروحا للوشايات، للفضائح، عموما لكل ما يهدد الثقة.
    كان أساسيا للرجال السياسيين إنتاج تمثل إخلاصهم ونزاهتهم بحيث تظهر هذه المقاصد كضمان نهائي لتمثل العالَم الاجتماعي التي كانت تكد في فرض، الأهداف والأفكار التي كانت في مهمة للتعريف به. هذا ما يوضح لبورديو أن الرجل السياسي في حزب مرتبط بالصحفي، مالك لسلطة على الوسائل الكبرى للنشر التي تمنحه سلطة على كل نوع من الرأسمال الرمزي.

    2 . فعل التفويض والفاشية السياسية
    بعد هذا يحاول الكاتب تحليل فعل التفويض والذي من خلاله يعطي شخص معين السلطة لشخص آخر. ووصف هذا الفعل السحري ودقق أنه يسمح بإيجاد( جعله موجودا) ما لم يكن إلا مجموعة من الأشخاص الجمعيين، على شكل شخص وهمي، " جسم مجازي مجسد في جسم اجتماعي". لإمكانية الانتماء إلى مجموعة ما وقول " أنا المجموعة" وجب على المفوَّض كما يقول بورديو إذا صح القول أن يلغى أو يتلاشى في المجموعة، أي يهب نفسه للمجموعة، صاح وأعلن: "لا أوجد إلا عن طريق المجموعة"، يقول بعد ذلك " أنه عندما لا أكون شيئا، و لأنني قادر على أن لا أكون شيئا، لإلتغائي، لنسياني، للتضحية بي، لتكريسي أكون كل شيء".
    يقول بورديو أن غصب المفوض يفترض الاعتدال وبالتالي إخفاء الغصب ( كأبسط وزير على سبيل المثال). في الواقع بالنسبة إليه، تبديد لربح الشخص مالكي المكانة ليس ممكنا إلا إذا اختفى. يرى تعريف السلطة الرمزية التي تفترض الاعتراف، يعني عدم الإقرار بالعنف الذي يمارس عبرها. وبذلك، لا يمكن للعنف الرمزي أن يمارس إلا بالتواطؤ الذي يسمح به الذين يُمارَس عليهم هذا العنف "نتيجة الجهل الذي يشجع الحرمان".
    يستند بورديو على أعمال نيتشه في "المسيح الدجال" التي تعد حسبه نقد للمسيحية أكثر ما هي نقد للمفوض. يقول أن المفوضين إذا ارجعوا إلى أنفسهم قيم عالمية، استولوا على القيم احتكروا إذن معرفة اللـــه، الحقيقة، الحكمة، الناس، الرسالة، الحرية... . "أنا الحقيقة"، حسب تعبير نيتشه. تقديس، تكريس في نفس الوقت، يضعون الحدود بينهم وبين الناس البسطاء، للاستعارة من جديد من نيتشه يصبحون "مقياس كل شيء". هذا ما يسميه بورديو هذه المرة "نتائج الوحي الإلهي" التي تعد بالنسبة إليه تبديد حقيقي للشخصية بهذا المعنى من الشخصية الفردية، الأنا، يتلاشى/يلغى في منفعة شخص معنوي عظيم، وجب على الشخص العادي إذن أن يموت ليحدث الشخص المعنوي، هذا ما تفعله طقوس المؤسسة.
    يقول بورديو أن جميع الأفعال الرمزية الممارسة كل يوم في السياسة ترتكز على هذا النوع من ما أسماه » ventriloquie usurpatrice « . هذا يركز على جعل هؤلاء يتكلمون باسم الذي نتحدث عنه، جعل هؤلاء يتكلمون باسم الذين من حقهم الكلام، جعل الناس يتكلمون، باسم من كان مسموحا لهم بذلك. يعطي مثالا ويقول عندما يقول سياسي" الناس، الجماهير..." يعمل عمل الوحي، يعني الضربة التي تدفع إلى الاعتقاد أن "الأنا هو آخر"، إن المتحدث الرسمي، كان أبسط بديل رمزي للناس حقيقة الناس بالمعنى حيث يكون كل ما يقوله حقيقة وحياة الناس.
    خوفا من أن تكون غير مفهومة، يدقق الكاتب أن " التضليل الشرعي لا ينجح لأن المغتصب ليس حاسبا متهكما يغش الناس عمدا، لكن شخص يأخذ بحسن نية شيء لا يستحق ذلك.
    تحرض احترافية النشاط السياسي واستقلالية الحقل السياسي نتيجة متعارضة كانت، بالنسبة لبورديو: زوال الحيازة السياسية. سيفوَّض الأفراد الخصوصيين للرأسمال الثقافي والاقتصادي. سيقود هذا التفويض بالتالي إلى الفاشية السياسية.
    الفاشيون السياسيون هم أشخاص، كائنات لا تبدو وجوبا إلا لهم، وجود منحه إياهم الفاعلين الاجتماعيين.
    كما أن بورديو يستند على ماركس لتحديد الفاشية كما تكون عندما" تظهر منتجات رأس الإنسان كموهوبات الحياة الخاصة". بتعبير آخر يقول بورديو أن الفاشية السياسية توجد بالتدقيق في التصرف حيث تظهر قيمة الشخص ككاريزماتية، ملكية خفية موضوعية للشخص، سحر غير قابل للحجز، سحر خفي يتعذر تسميته.

    IV تحليل لنظرية اجتماعية:
    في هذا الشق بورديو سيحلل نظرية المناخات"la théorie des climats " عند مونتسكيو، التي تنبني على نوع من التبريرات من أجل إنتاج حدث للحقيقة.
    نظرية المناخات نموذج ملموس "للأسطورة العلمية" لخطابات مؤسسة في الاعتقادات والأحكام المسبقة تنقل إلى العلمية.
    بالنسبة لنا نحن أمام مبدأين ممزوجين للتلاحم، الإعلان والإغراء العلمي الذي يؤكد من خلال ضرب إشارات خارجية علمية، وتلاحم خفي وخرافي في مبدئه.
    مونتسكيو بمجموعة من الإستعارات من العلم الطبي في القرن الثامن عشر، كنظرية "الطب البديل" أو نظرية الألياف التي وضعت من قبل John Arburthnat:
    الجو البارد مخزن أطراف الألياف الخارجية للجسم وينقص من طولهم ويزيد من قوته ونبضه ويسمح بعودة دم الأطراف نحو القلب.
    الجو الساخن: يزكي أطراف الألياف ويمددهم وينقص من قوتهم ونبضهم.
    بورديو يقول بأن التحليل النفسي للحس العلمي لا يفقد باكتشاف الصور الأولية لمعارضي الأساطير الخالصة التي تصب في مصلحة تعدد الكلمات "توازن ضغط، قوة، نبض" في وصف تشريحي ونفسي.
    جدول التناقضات الأسطورية الذي وضعه مونتسكيو، يشكل بنية فعلية استهامية بمثابة دعامة للنظرية ككل.
    أيضا، العلاقة الأسطورية بين السلبية و الأنثوية أو بين الإيجابية والرجولية لا تبين كما هي لكن تحت غطاء قانون الديموغرافية الذي يعطي فائض الأطفال(الذكور) للشعوب (الحربية) الشمالية وفائض الإناث للشعوب (المؤنثة) الجنوبية.
    يرى بورديو أن إنتاج مبادئ أساسية في نظرية المناخات، لا يستمدها مونتيسكيو من نفسه بل من اللاوعي الاجتماعي الذي يشركه مع جميع مثقفي عصره.
    بالنسبة لبورديو خطاب العلماء يوظف كشبكة ثورية التي تمكن من جذب اجتماعي للتمثل تحت شكل اجتماعي مقبول وفي نفس الوقت: محبذ ومدهش.
    هكذا انطلاقا من علم البلاغة العلمي، مونتسكيو يقول "قلنا من قبل بأن الحرارة المرتفعة تضعف قوى وشجاعة الأشخاص و المناخات الباردة تمنح قوى الأجسام والروح التي تجعل الأشخاص يقومون بأفعال لمدة طويلة، ومتعبة، و ضخمة ولا يحق أن يكون مدهشا أن المناخات الساخنة تجعل الشعوب دائما عبيد بينما شعوب المناخات الباردة تجعلهم أحرار".
    بورديو يقول بأن التقليد الأدبي ينتمي إلى الشروط الإجتماعية للأسطورة في شكلها وهذا ما أكسبها سمة لغة السرعة العلمية.

    خاتمة
    هذا الكتاب هو إعادة نشر لمقالات نشرت سنة 1982 في "Ce que parler veut dire " حول اللغة والسلطة الرمزية، يحاول بورديو من خلاله توضيح التقليد اللغوي، مركزا في ذلك على أنماط بناء اللغة، مبينا الروابط او العلاقة بين اللغة والسلطة. عبر استعماله لمفاهيم أساسية من قبيل "الهيمنة الرمزية" و " الأبتوس" او "سوق التبادلات اللغوية"...إلخ. وفي تناوله فشكالية اللغة توجه بالنقد لكل من " تشومسكي" و "دوسيسور" الذين اعتبرا اللغة شيئا مستقلا ومتجانسا يؤدي وظيفة التواصل، قابل لتحليل لساني. لكن على العكس من ذلك فقد اعتبرها بورديو غير محايدة، ويجب أن تخضع لتحليل سوسيولوجي، إذ يعتبرها كأداة لإعادة بناء وتشكيل المجتمع وانتاج أشكال الهيمنة الرمزية التي تولد مبدأ العنف الرمزي في الحقل السياسي، والتراتبات الطبقية. فالطبقة المهيمنة تسعة بالضرورة إلى فرض لغتها ومنه فرض سلطتها السياسية.
    ابراهيم أوحسين
    ابراهيم أوحسين
    رتبة المشرف


    عدد المساهمات : 77
    نقاط : 134
    تاريخ التسجيل : 12/08/2009

    قراءة ف كتاب لبيير بورديو:اللغة والسلطة الرمزية Empty رد: قراءة ف كتاب لبيير بورديو:اللغة والسلطة الرمزية

    مُساهمة  ابراهيم أوحسين الأحد أبريل 18, 2010 5:35 am

    أحييك أخي محمد على هذه القراءة النقدية الرائعة..
    لكن لو تكرمت أن تنقل الموضوع لقنديل " فراءة في كتاب " ولك خالص شكري..
    avatar
    خالد بناني
    رتبة المشرف


    عدد المساهمات : 52
    نقاط : 94
    تاريخ التسجيل : 16/08/2009

    قراءة ف كتاب لبيير بورديو:اللغة والسلطة الرمزية Empty رد: قراءة ف كتاب لبيير بورديو:اللغة والسلطة الرمزية

    مُساهمة  خالد بناني الخميس أبريل 29, 2010 1:24 pm

    الأستاذ الفاضل محمد عكاوي
    تحية طيبة
    وبعد
    اللغة والسلطة الرمزية مدخل الى دراسة مفهوم السلطة وتجلياتها الرمزية في المجتمع ضمن أنساق تواصلية اللغة على رأسها بكل تأكيد، والاشتغال على كتابي اللغة والسلطة الرمزية لبيير بورديو و السياسة اللغوية لو.طولفسون ( ترجمة الدكتور محمد الخطابي من جامعة ابن زهر بأكادير ) هو اشتغال مغاير لأنماط السلطة بشكل تفكيكي واع و خبير بالتباساتها مع المفهوم الشائع للسلطة.. انطلاقا من سلطة الهابيتوس وصولا الى سلطة العنفين المادي والرمزي.
    شكرا جزيلا على اشراقتك الأولى هنا لا ضيفا ولكن صاحب بيت
    ومزيدا من العطاء
    بوركت

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 10:27 pm