هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نبض الشهر : إذا أردت أن تعيش للأبد، فاكتب شيئا يستحق أن يقرأ .

قريبا يصدر ديوان عطر الخزامى للشاعر مولاي الحسن الحسيني

حصريا على منتدى الأدب لمبدعي الجنوب : دورة تكوينية في مجال المعلوميات ، محورها تعلم برنامج الشهير Excel من الصفر حتى الإحتراف

    ثورة الفراش.. ما الذي حصل؟

    avatar
    خالد بناني
    رتبة المشرف


    عدد المساهمات : 52
    نقاط : 94
    تاريخ التسجيل : 16/08/2009

    ثورة الفراش.. ما الذي حصل؟ Empty ثورة الفراش.. ما الذي حصل؟

    مُساهمة  خالد بناني الجمعة فبراير 25, 2011 1:43 pm





    ثورة الفراش.. ما الذي حصل ؟؟


    عتبة

    من قال إن الشباب لا يملكون مصائرهم في أيديهم؟ لا بد من إعادة النظر في قوة الشباب.. ذلك الهجين المتخم بالتغريب كما سعت إلى صنعه الحكومات والأنظمة.. ذلك العربي الحر كما لم يتوقعه أحد. الشباب في مصر – كما في تونس وليبيا وبلدان أخرى مقبلة على الثورة – قال كلمته: لا.. لا.. لا.. وعلى الشباب العربي منذ الآن أن يتوضأ من نيل مصر ليصلي بتونس حافيا على التراب الطاهر. السؤال : ما الذي حرك هؤلاء؟

    أثر الفراشة

    بحسب البعض، قد تؤدي رفة جناحي فراشة في بكين إلى أعاصير وزوابع في أمريكا وأوربا، لكن.. هل كان أحد يتوقع أن فراشة تونسية قد تطيح بدينصور تونسي وآخر بعده مصري، قبل أن تمتد زلازلها لتحرك الكراسي تحت أصحابها في أكثر من قطر عربي؟ كان الدينصور التونسي حاكما جبارا اسمه ابن علي، عمل طيلة ثلاثة وعشرين سنة من حكمه الديكتاتوري على إخراس المعارضة ومحو الإسلاميين هو الذي لطالما رتل لشعبه "ما أريكم إلا ما أرى"، ولم يكن الدينصور المصري مبارك أقل جبروتا هو الذي امتدت به سنوات حكمه الثلاثون ليعمل جاهدا على ختمها بتوريث الحكم لنجله جمال في أجواء من "العدالة" و"الشفافية" و"الوضوح"... أما الفراشة التونسية فكانت شابا بسيطا اسمه محمد البوعزيزي، معيل أسرة من تسعة أفراد أضرم النار بنفسه والسلطات تمنعه من تدبر لقمة العيش بائعا متجولا بعربة الخضار تلك التي سيذكرها التاريخ ضمن أشياء أخرى كثيرة. كان البوعزيزي نبوءة محمود درويش الذي أنشد سنوات قليلة قبلا "أثر الفراشة لا يُرى.. أثر الفراشة لا يزول"، فأن يحتج شخص بأي شكل كان ليس حدثا استثنائيا، الاستثنائي هو قدرته على إشعار الجماهير واختزال الوقت في ثلاثة وعشرين يوما هي كل عمر الثورة التي أطاحت بنظام دام نفس هذا العدد.. لكن من السنوات.
    في مصر استمر أثر الفراشة التونسية، وفراش مصري كسر حاجز الخوف استلهاما وإيمانا بأن الرغبة تصنع القدرة، والقدرة تفعيل للإمكان. ولكن كيف انتقلت العدوى؟ ولماذا لم تكن تونس ذلك الاستثناء الذي يصفق له الجميع لبعض الوقت قبل أن تعود الشعوب لتلتف حول جلاديها؟

    الميديا وإعادة تشكيل الوعي

    لم تكن الحكومات العربية – ولا حتى الغربية – بأجهزة مخابراتها وخبرائها لتتصور يوما أن مواقع إلكترونية للتواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويترز وحتى اليوتيوب – فضلا عن رسائل الجوال القصيرة وبعض القنوات التلفزيونية – قد تصبح أخطر أدوات الاشتغال على إيقاظ العقل العربي وإعادة تشكيل الوعي الجمعي بين فئات عمرية مختلفة ظل الشباب كتلتها الغالبة. فبرغم التجسس الدائم على كل الرسائل الإلكترونية والنصوص والصور والكاريكاتور والفيديو وحتى النكتة.. إلا أن هذه الأجهزة فشلت فشلا ذريعا في مصادرة العالم الافتراضي الذي سمح بتبادلات رمزية على مستوى أفكار نوعية شملت الهوية والقيم والضمير الجمعي، لتهبط بها إلى أرض الواقع عبر دعوات مختلفة إلى النزول الميداني والتظاهر السلمي وفق مطالب مُجمع عليها دون أجندات ودون تأطيرات دينية أو سياسية، وهي الدعوات التي ظلت تخضع للتصويت الجماهيري المباشر في إلغاء واضح لأي شكل من أشكال التفكير بالإنابة. وبالإضافة إلى هذا فقد تمكنت الجزيرة من أن تضمن لها نسبة مشاهدة أعلى، خاصة بعد أن تعرض بثها للتشويش لأكثر من مرة وهي تغطي الأحداث في أكثر من مكان وتعرض صورا ومقاطع فيديو تجنبت بثها محطات تلفزيونية عربية أخرى. نزولا إذن من الافتراضي إلى الواقعي، ظلت مؤشرات الوعي الجمعي العربي في تصاعد مستمر من الأشياء العامية العادية إلى الأشياء النخبوية الخاصة، وصار الشباب المتهمون بالعبثية والتبعية والاستلاب الفكري.. صاروا الطرف القوي الفاعل في المعادلة وهم يبادرون بالقيادة في وقت ارتأت فيه قوى وهيئات وفعاليات المجتمع المدني والديني والسياسي الانخراط في الحراك الجماهيري الثوري من موقع مواطنة عادية لا من أية مواقع تنظيمية، خاصة وأن قاطرة التغيير لم تعد توفر لقيادات في عمر المشيب سوى كراس ثانوية في العربات الخلفية.

    السلطة الخامسة

    بعد السلطات التشريعية، التنفيذية، القضائية والصحافة، يأتي الشعب كسلطة خامسة وطرف ثان في المعادلة. فالشعب، ذلك المغلوب على أمره، الفقير في أكثريته، الذي فاض الكيل برجاله كما بنسائه، هو الذي ردد في الشارع "الشعب.. يريد.. إسقاط النظام" مُبادلا بالكلمات الرصاصَ الحي الذي صُوب نحوه تارة وجها لوجه، وتارات من الظهر بنِية مُبيتة للغدر مثلما قـُتل لوركا. هذا الشعب هو الذي واجه الدبابات بصدور عارية مكشوفة وأياد مرفوعة تحمل القرآن والإنجيل، هو الذي صلى على الجسور غير آبه لخراطيم المياه التي دافعته ولم تدفعه، هو الذي عقد قِران بعض أبنائه على بعض بناته في زمان ومكان ينضحان بالبطولة، هو الذي شكل لجانا لحماية الثورة والأشخاص والممتلكات.. هو الذي لم يفهم أحد كيف استطاع القلب أن يحتمل حبا شغوفا جنونيا للبلد كما فعل. الشعب لن يجلس في المنازل بانتظار يوم التصويت المقدس، لن يخاف، لن يُعلم أبناءه الصمت، لن يعيش على ذكرى بطولات ماضية، الشعب قرر أن يكتب التاريخ.. الشعب.. يكتب التاريخ.. الشعب.. يكتب نفسه.
    شكرا لتونس التي أذنت للثورة.. شكرا لمصر التي أقامت صلاتها.. شكرا مسبقا لكل شعب يحضرها. تونس.. مصر.. ليبيا.. ثورة... ما أشرف هذي الأسماء.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 7:13 am