تــبــعــثــر
عيناكَ للذكرى ، و حلمك موعدُ
كل الحكايا من رموشك تولدُ
أنت الرحيل إذا أتيتك سائلا
وعد البقاء و من سواك تشردوا
غربت في وطن دماؤك ماؤه
مذ بايعتك على الأسى ليد يدُ
موسى دَعَوك و كنتَ فيهم مخلِصا
كنتَ النبي ، فليت قومك عبدُ
كُـذبتَ من فرط اشتعالك صادقا
صرتَ الرماد ، و فيك يُقبر عسجدُ
وطن يبادلك الوفاء خيانة
في كل درب مخبر يترصدُ
آنستَ نارا في بلادك فكتوت
منك الضلوع ، و حزنُ قلبك موقدُ
و رمتكَ بالبهتان كل قبيلة
و قميصُ يوسفَ بالمكيدة يشهدُ
و تآمرا ، لؤم و خبث ، كي أرى
غدرا بظهرك كل سيف يُغمدُ
تركوك وحدك أعزلا ، فتركتهم
عن كبرياء منك يذكره الغدُ
أعلنتَ أنك للثكالى سِفرُهم
و بأن صدرك للحيارى مَعبدُ
عيناك ذاكرة الشتاتِ ، و كلما
تيه يُـلَوح فيهما ..يتبددُ
ووشاية الغيمِ المضاعِ ، و ما أرى
إلاكَ يصلبُه الحنينُ و يجلدُ
فكأنك المنذور للوجع الذي
إن حله جَلَدٌ يعودُ فيُعقدُ
أنت البنفسجُ في اكتمال تبرعم
أنت النشيدُ و ليس غيرُك يُنشِدُ
أنت انبجاسُ الضوءِ لحظةَ خلقِه
من ظلمة ، فإذا به يتمردُ
كالنار تأكل ــ حين تغضبُ ــ نارَها
كالبحر يرغي إذ يثورُ و يزبدُ
ما زال يكبرُ في خيالك مُشرَعا
أفقُ النضال و خيمتان و مسجدُ
حُملت من وجع الرؤى ما لم يطق
قلبٌ له في كل موت مرقدُ
شاخ الصبا ، و صباك وحده لم يشخ
ما زال في مهد الحنين يُهَدهَدُ
طفلا تظل ــ برغم شيبك ــ عاشقا
يسمو بك الشرفُ المذل و يصعدُ
عيناك في لغة العذاب وصية
و الحزنُ كحلك ، و الفجيعةُ مِروَدُ
عيناك خارطتا منافٍ ، كم بها
أدركتَ أنك عن ترابك مُبعَدُ
أطلق بوجه الريح ثورةَ واقفٍ
مهما تنلْ منه الزلازلُ يصمدُ
قد صرتَ وشما في جبين مقاتلٍ
و عليك كل الثائرين تعودوا